استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الحجر الصحي

Like425
Post
الصورة
وسائل التواصل الاجتماعي تسيطر علينا

 

فترة الحجر الصّحي، حيث يتأفف البعض مللاً، ويملأُ البعضُ الآخر لوائحَ وجداولَ حول كيفية استثمار الوقت بنشاطاتٍ مفيدة رغم أنه قد لا يفعلُ شيئاً منها، إنها تختلفُ من شخص لآخر، لكن ما يعترف به الجميع أنها فترة عصيبةٌ على العالم...عسى أن يتجاوزها ويتعافى.

في فترة الحجرِ هذه جميعُنا نمضي ساعات طوالٍ على وسائل التواصل الاجتماعي، فايسبوك، انستغرام وتويتر وغيرها، نتلقى كماً من الأخبار، الصور والمنشورات بشكلٍ لم يسبق له مثيل...

منذ بداية ظهور وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا اليومية، أسهمت بشكل لا يمكن إنكاره في تشكيل وقولبة حاضرنا، لقد جعلت العصر الحديث يبدو على ما هو عليه الآن من قيم ومعتقدات وأفكار من خلال ما نتلقاهُ بشكلٍ متواصل وما يزرعُ في اللاوعي الخاص بنا من أشياءَ على أنها حقائق.
قد لا يصدّقُ البعضُ أن لهذه المنصّات هذا التأثير على حياتنا، إلا أنه وحسب بعض الدراسات فقد تدخّلت وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل معاييرنا وكيفية رؤيتنا للأشياء، ومن الأمثلة على هذا، تشكيل مفهوم "الصورة المثالية للجسد والمظهر" التي تطرحها وسائل التواصل الاجتماعي، جسد مثالي، وجه مثالي ولباس مثالي جعل الكثير من الناس عالقين في دوامة مفرغة من البحث الدائم عن هذه المثالية .
وهذا السيل المتواصل من الأطروحات السطحية التي نراها على الانترنت تعبث بمفاهيمنا عن حقيقة الأشياء، وقد تخدع الكثيرين لتصديق الكثير من الصور والمعلومات المغلوطة، ولا ننسى أن قضاء الكثير من الوقت بين هذه المنصّات قد يقود إلى إدمانها، مما يجعلنا أكثر عُرضة للاكتئاب  أو الأذى النفسيّ.

وهذا ما قد يحدثُ في فترة الحجر الصحي هذه، خصوصا مع ازدياد احتكاكنا مع العالم الافتراضي، فنرى سيلاً من المقالات والمنشورات تقول لنا:

"انه حجرٌ صعبُ جداً، حتماً سيزداد وزنك"
"بالتأكيد ستقضي وقتك بين الثلاجة وغرفتك"
"مشاهدة الافلام والمسلسلات أفضل طريقة لقضاء الوقت في الحجر"
نرى هذه العناوين والأفكار، ونجد أنفسنا نلين إلى هذه الأفكار، لابدّ أن يزداد وزننا بالعطلة أو أننا من الطبيعي أن نقضي العطلةً نشاهدُ الأفلام ونرفّهُ عن أنفسنا بينما في الحقيقة، لا شيء من هذا صحيحٌ بالمطلق، بدلاً من التفكير في زيادة الوزن كحقيقة يجب علينا أن نمارس التمارين الرياضية في المنزل، نستطيعُ ممارستها مع العائلة، وهذه طريقة ستساعدنا على توطيد علاقاتنا مع أفراد الأسرة في ذات الوقت، ونستطيعُ أن نحدد عدداً معينا من الكتب لنقرأها وبضعة أفلام نشاهدها، لا شيء مما نقرأه من تجارب الآخرين ومنشوراتهم حتميّ تماماً بالنسبة لنا جميعاً، نحن من نرسم حياتنا ونحن نحدد ما سنفعل.

على الجانب الآخر، نرى منشوراتٍ ومقالاتٍ كثيرة، عن ذاك الذي يتعلّم اللغات الجديدة، وذاك الذي لم يترك شيئاً لم يفعلهُ كممارسة اليوغا والرياضة وتعلم الطهي والبرمجة وإنهاء منهج الرياضيات، نرى كل هذه الاشياء فنشعر أنه من الضروري أن نفعلَ مثلها ونستثمر كل ثانيةٍ من وقتنا. إلا أن هذا ليس بالأمر الصحيحِ أيضاً، فكل فردٍ لهُ حياتهُ، ظروفهُ، اهتماماتهُ وله وقته الخاص، الأمر الوحيد الصحيح في العطلة هو الذي نشعر بأنه مناسب لنا، يجلب لنا السعادة والطمأنينة ويجعلنا نشعرُ بقيمة الحياة.

لا أحدَ يملكُ وقتك إلا أنت ولا أحد يعرفُ الأفضل لك إلا نفسك وتفكيرك المنطقي السليم، لذلك لا تنظر إلى ما ينتظر الآخرون منك فعله أو كيف يجب أن تكون، بل اجلس لوحدك، تأمل وقتك وحياتك وفكر بعقلك فيما هو أفضلُ لك، وافعله!

 

مدونة
الجمهورية العربية السورية