هل كنت الملعمة أم التلميذة؟!

Like112
Post
الصورة
مريم جمعه

في أحد بقع الأرض التي تنتشر فيها براعم الأزهار وتحديدا مدينة اللاذقية /سوريا في تاريخ 8\5لعام2018 قد أقامت ثانوية نديم اسماعيل للإناث معرضا علميا يُعدّ الأول من نوعه في اللاذقية، حيث ضم المعرض العديد من الأقسام منها التجارب المخبرية، قسم الدروس وقسم الأوراق البحثية.

 وقد أتيحت لي الفرصة بأن أكون قائد فريق العمل الذي تكون من طلاب جامعيين يحملون معهم خبراتهم الذاتية. وتم اختياري قائدا لهذا العمل لخبرتي السابقة في مجال العمل المجتمعي والميداني بالإضافة لكوني طالبة جامعية في اختصاص مادة الفيزياء، لكن خلال عملي هناك هل كنت المعلمة أم التلميذة؟

كان جل عملي قائماً على الإشراف في كل قسم من تقييم أداء الطلاب، وبالتعاون مع زملائي في الفريق على  كيفية عمل التقارير العملية للتجارب وكيفية كتابة الأوراق البحثية وفي بعض الأوقات صديقتهم. عملنا مع الفتيات ما يقارب الخمسة أشهر بشكل يومي بحيث أصبحت أراهم أكثر من عائلتي وأصدقائي. خمسة أشهر كنت أعتقد أني سأقضيها بتعليم الطالبات والنقد البناء واختلاف في الآراء، كل أفكاري في بداية الأمر تمحورت حول كيفية التعامل معهن وطرق إيصال المعلومات بالسهل الممتنع، لكن ليس كل ما يفكر فيه المرء سيحدث، في كل يوم كنت أندهش أكثر في اختلاف الطالبات عن بعضهن البعض. اختلاف إثبات هويتهن ومشاكلهن ونرجسيتهن الظاهرة جدا في بعض الأحيان.

لكن ما فاجأني أنهن وضعن كل هذا جانبا ليحققن حلماً لديهن بأن ينجحن بشيء يتقن شغفاً لأجله، في حين أني عندما كنت طالبة مدرسية لم ألاحظ هذا الاختلاف الكبير بيني وبين زميلاتي أو هذا ما كنت أعتقده، خمسة أشهر في حقيقة الأمر كنت أقلب ذاكرتي صفحة تلو الأخرى، الحنين للذكريات أمر صائب في بعض الأحيان. كنت أريد العودة للثانوية لأغير بعضا من قراراتي عندما مررت بما مرت به إحدى الطالبات وكيف تصرفت بوعي كنت أريد العودة لنفسي لأعيد قراراتي.

الحاجز الخفي بيني وبين شبح طفولتي ومراهقتي كان قد انكسر معهم لأنخرط معهم وأعود شخصاً واحدا كما يجب أن أكون.  ولم يكن الأمر بتلك الصعوبة كما نسج في خيالي منذ طفولتي التصرف على سجيتك أن تكون أنت بشكل مطلق طفلا ومراهقا ومعلما وتلميذا ، كنت أقضي وقتي في إعطاء بعض الملاحظات "نبرة صوتك أعلى، لا يمكن استخدام هذا المصدر، ولا يمكنك الغرق في نقاش يريدك أن تكوني أنت الخاطئة" في حين أني كنت أتعلم منهن الكد والجهد في العمل.

يعيش في ذاكرتي إحدى الفرق التي قامت بإعادة تقديم الدرس ثلاث عشرة مرة خلال يومين متتالين بكل تفاصيله وهما لم يتجاوزا السابعة عشر بعد، أيمكن أن لا أتعلم منهما شيئا؟ في كل مرة كان يتحسّن أداءهما، بابتسامة مشرقة وعيون متعبة تشع أملا كالنيازك، لقد تتلمذت على أيديهن فقد علمنني العيش لأجل الحياة، علمنني أن المصائب لا تعرف عمرا وأن الحلم لا يعرف عمرا وأن كل شيء سيأتي بوقته، لا شيء يأتي متأخرا أو في غير آوانه، وكلي فخر بأني كنت المعلمة و التلميذة.

 

مدونة
الجمهورية العربية السورية