من هنا الاتجاه!

Like8482
Post
الصورة
السّاعة الثانية عشر ليلاً... تحتاج لأن تبتعد آلافاً مؤلّفة عن كل شيء، رغم بُعدك الذي بات معلناً.

لم يكن لقاؤنا عابراً، كان لطيفاً وجميلاً حيث أنه كلّفني عامين من عمري...
تكلّمنا بالعيون، تكلّمنا عن الأغاني والأحلام."
السّاعة الثانية عشر بعد منتصف الليل، بردٌ قارسٌ ولكنّه جميلٌ بطريقة جنونيّة!
كفّاك خاليان من كل شيء عدا الدّموع، لا أحد يعلم ما بك بقدر جدران غرفتك.
ضجيجٌ يملأ المكان رغم هدوئه، لا تستطيع التفكير بشيء، مقيّد الأحلام والآمال والأفكار والمشاعر...
مقيّد الكلام والتعبير... في هذا الطّقس تشعر أنّك أصبحت في الهاوية..يجول في خاطرك: وماذا أقصد في الهاوية؟
الهاوية يا عزيزي هي ذلك المكان المظلم والموحش..ذلك المكان الذي يجمع كلّ شيء منذ صرختك الأولى حتى لا نهايتها... مكان لا تقوَ فيه على الحراك.

السّاعة الثانية عشر ليلاً... تحتاج لأن تبتعد آلافاً مؤلّفة عن كل شيء، رغم بُعدك الذي بات معلناً.

هل تعلمه ذلك الشّعور؟!
أن تقف في منتصف الطّريق أو على قارعته ولا تجد تلك اللوحة التي كتب عليها "من هنا الاتّجاه"!
لاجئ في قلبٍ غير قلبك، مبعدٌ أنت إلى أرضٍ لا تشبه أرضك.
"في تلك السّاعة... كان لا بدّ لي أن أصرخ لترتدّ مسامع صوتي فتعود إليّ فأواسي نفسي وأطبطب عليّ لأهدأ لأنني أعلم أن لا أحداً سيسمع صرخاتي مهما عَلَت..."
كل ذلك يختلج في داخلك ضمن دقائق معدودة، وهي كفيلة بأن تجعلك مغميّاً عليك من هول كل شيء.
بعد عدّة محاولات في إيجاد أيّ خيطٍ يُعيدك إلى حيث كنت... تجد نفسك قد متّ!!
متّ ومات كل ما بك من مشاعر.
لا تملك سوى "سمّاعتيك، وقلماً بالياً، ودفتراً أخرقاً جّف الحبر عليه من آثار الكتابة".
لكن القلم والدفتر كانا النّجاة بحدّ ذاتها، كانت فكرة أن تكتب كل ما يختلج في صدرك هي النّجاة الحقيقية من أنك ستموت!
تلتفّ من حولك أسهماً كثيرةً... يميناً ويساراً، إلى الأمام وإلى الخلف...
لا تعلم في أيّ منتصف تقف؟ وماذا عليك أن تفعل؟
لا أعلم الآن... أيّ المشاعر التي يجب عليّ أن أكتب؟ هل تراني فقدت قدرتي في الكتابة أيضاً؟
إنه من المؤلم لي أن أُعايش من هم في عمري على أنّهم غرباء، وسط صخبهم وضحكاتهم وهتافاتهم الفَرِحة!
كان لا بدّ لي أن أشعر بالاختناق، باليأس وبالضّياع...
أن أشعر بالحاجة إلى البكاء الشّديد...

أستيقظ كلّ يوم مثقلةً بالهموم... أكاد أجنّ من التفكير!
كيف لذلك أن يحصل في غضون 180 ثانية؟ أعتقد أن الأرض قد توقّف دورانها.
أتذكّرها تلك اللحظة... بجدرانها العسلية، والكلمات المستخدمة ولون الملابس.
أتذكّر أيضاً لون العينين، والكلام المشوّش، والأشخاص الذين يحيطون بنا، ونبض القلب الذي كاد أن يقف.
وددت لو أنني قلماً... أكتب شعراً، أكتب نثراً، أكتب سيمفونيّة حبّ فريدة جرّاء ذلك اللقاء...
لقد كان كفيلاً بأن يجعلني ضائعة ومشتتة.
بعد ذلك كلّه... علمت أن ضياعي هذا ما هو إلّا سبيلاً لأعرف نفسي في
المقام الأوّل، ومن ثمّ أن أعرف العالم.
عرفت نفسي وحاولت تقديرها لأنها كانت قويّة في حين أنّ إعصاراً قد حلّ في قلبي، وفيضاناً حصل في روحي.
قرّرت حينها... أن أبتعد عن كلّ شيء والذهاب إلى الّلامكان، إلى الّلازمان...

"سافري وابتعدي..."
تتردّد على مسامعي فيؤلمني صدى حروفها القاسي...
لكن رغم قسوتها إلّا أنني قرّرتها...
حزمت روحي... وكلماتي... وقلمي ودفتري... وسافرت!
سافرت حيث أجد أرضاً تحتويني، وقلباً يحتضن شتاتي.
تركت اللقاءات والكلمات والأشخاص ذهبت حيث كان طريقي هو أنا...
وكنت أنا الاتّجاه الذي أحتاجه في كلّ حينٍ ولحظة

مدونة