ظلم من نوع آخر

Like207
Post
الصورة
من رسومات أختي

في إحدى التجارب، طُلب من بعض الأشخاص أن يصف كل منهم نفسه ليرسمه الرسام، ثم كان يُطلب من شخص آخر التقى به في قاعة الانتظار أن يصفه للرسام أيضا

والمفاجأة أن اللوحات التي رسمت بوصف الاشخاص لأنفسهم كانت قبيحة مقارنة مع اللوحات التي رسمت بوصف الأشخاص الآخرين والتي كانت أكثر جمالا

هكذا نحن أحيانا نغفل عن جمالنا وما نملك

القارئ العزيز.. ما  حصل في هذه التجربة شبيه بما حصل مع اختي

 حيث بدأت أختي رحلتها مع الرسم من الصفر حين كانت في الصف الخامس ومع الجهد والمثابرة أصبحت مبدعة في الرسم.. حين تنظر لبعض رسوماتها تظن أنك تشاهد لوحة فنية أو رسمة مأخوذة من إحدى حلقات الرسوم المتحركة..

حين طلبت منها أن ترسمني رفضت ذلك بحجة أنها لم تجرب أن ترسم إنسانا حقيقيا من قبل وأنها لا تمتلك المهارة الكافية التي تمكنها من رسم انسان..

وبعد سنتين من هذه القناعة قررت أختي ألا تخضع لفرضياتها المسبقة عن قدرتها في الرسم وقررت أن تفاجئني بأن تكون هديتي في العيد هي رسمي

فكان أن رسمت رسمة جميلة ورائعة 

 

كم نظلم أنفسنا حين لا نعطيها الفرص لتظهر قدراتها وإمكاناتها المختبئة تحت بعض التحديات والعقبات..

لا نعطيها الفرص ظنا منا أننا نعرفها ونعرف أنها لا تستطيع القيام بذلك

أحيانا نستسلم قبل أن نحاول..

ثم يحدث أن نحاول فنتفاجأ بما حققنا

وكذلك الحال مع الآخرين

كثيرا ما نطلق أحكاما مسبقة على الآخرين بناء على الشكل أو اللون أو العرق أو الأيدولوجيا أو حتى بناء على وجهة نظر شخصية أو توقع

الجانب المظلم في الموضوع أننا نطلق أحكاما من دون وعي منا بأننا نصدر أحكاما مسبقة على الآخرين قبل التعرف عليهم وعلى وجهات نظرهم عن قرب ، فنطلق عليهم أحكاما وكلنا ثقة بأننا على صواب في ذلك

أحيانا نصدر حكمنا على الآخر بناء على موقف أو تجربة واحدة أو حتى رأي صديق ثم نعمم هذا الحكم على الشخص

 

المصيبة أنه في أحيان أخرى تكون تجاربنا هي المغلوطة

كالطفل الذي تعلم أن معادلة 1-3 لا تجوز

وعندما سمع من ابن عمه الذي يكبره بسنوات

أنه في كتبهم، المعادلة التي يكون فيها قيمة الطرف الأول أصغر من قيمة الطرف الثاني،

معادلة الطرح فيها صحيحة وجائزة ولها جواب.

حَكم هذا الطفل على كتب الكبار بأنها فاشلة وخاطئة وحكم على ابن عمه بأنه غبي لأنه صدق ذلك ف 1-3 لا تجوز بأي شكل من الأشكال!.

قد يكون الطفل معذورا قليلا لحكم سنه

لكننا نحن الكبار والناضجون عندما نمر بتجارب وخبرات ما ونعتبر أنها وحدها الصحيحة والصائبة وغيرها خاطئ نكون قد أجحفنا في حق أنفسنا ابتداء وفي حق عقولنا لأننا لم نستخدمها ثم في حق الآخرين

نعم فعندما نستسلم للأحكام المسبقة نفوت على أنفسنا متعة البحث عن الحقيقة والوصول اليها

ونفوت على ذواتنا فرصة تطويرها واكتشاف طاقاتها المكبوتة.

 

القارئ العزيز

لم لا نرى أنفسنا كما نحن.. نرى جمالنا ورونقنا لا أن نترك ذلك للآخرين.

 

التقصير والخطأ طبيعة بشرية، تذكر عندما تحكم على شخص من موقف بدا لك أنه لم يحسن التصرف فيه، تذكر أنك ستشعر بالاستياء حين يحكم عليك الناس جراء خطأ اقترفته وربما لم تكن متعمدا!

مدونة
الأردن