قصّة لاجئ

Like4256
Post
الصورة
صورة وصفية

لاجئ..

سوري، فلسطيني، أو أيٍّ كان، كلمة لاجئين تتصدر عناوين الأخبار، الصّحف المحليّة أو العالمية، الكل يتحدث عن اللاجئين..

في الواقع، لم أكن أعرف معنى هذه الكلمة من قبل، حتّى اشتعلت الحرب.

أصبحت قصص و روايات اللاجئين تُروى في المجالس، يستمع لها الصّغار و الكبار، منها ما هو مروّع ومنها ما هو خيالي وغير واقعي إطلاقاً.

أناس غرقوا في البحر، و آخرين انفجر بهم اللغم الموجود على الحدود، أما آخرون، فقد تم الاحتيال عليهم وسرقتهم بعد أن باعوا أغلى ما يملكون ليسافروا إلى بلد آخر باعتقادهم ستؤمن لهم الأمن والسلام، و آخرون أيضاً ظلّوا مفقودين لا أحد يعرف مكانهم إلى الآن..

سأروي لكم اليوم ثلاث قصص عن رحلة لجوء ثلاث فتيات، واحدة سوريّة، واحدة فلسطينيّة، و أُخرى سوريّة فلسطينيّة، يحكون عن رحلتهم إلى بلاد الغرب و حصولهم على اللجوء وما عانينه من مصاعب في الطريق وفي تلك البلاد التي لجئوا إليها.

تقول الطالبة غالية.د (17 عاماً) عن رحلة لجوئها:

" في البداية ركبنا الطائرة من الأردن و توجّهنا نحو تركيا، بعد مضي ثلاثة أيام ننتظر المجهول في تلك البلاد استطعنا أن ننتقل من محافظة إلى أخرى في رحلة استغرقت إحدى عشر ساعة وبعدها اجتمعنا مع مجموعة أخرى من اللاجئين و قائد الرحلة الخطيرة والغير قانونية، لم نستطع أن نركب قارب البحر بسبب وجود الشرطة واضطررنا أن ننتظر لليوم الثاني في الشارع و بدون مأوى، لقد أمضينا ليلتنا نبحث فقط عن مأوى للنساء و الأطفال الصغار ثم وجدنا غرفة صغيرة وغفونا حتى طلوع الفجر.

في اليوم التالي تفاجئنا بأننا سوف نخوض رحلة صغيرة بشاحنة صغيرة ولكن أعداد الناس كانت تفوق المائة وخمسون شخصاً، لم نقدر على التنفس إلا بصعوبة، بعدها وصلنا لمكان الانطلاق ألا وهو البحر ومشينا في حدود الساعة الثالثة فجراً، توقف محرك القارب الصغير الذي يحوي الجميع في منتصف المياه القارّية مما دفع السلطات التركية بأن تقوم بملاحقتنا لكننا نجونا منها بصعوبة، وعند بلوغنا اليونان كانت فرحتنا عارمة بأننا وصلنا بأقل الأضرار في حين القارب الذي كان يبعدنا قليلاً غرق في منتصف البحر مما أدى النساء و الأطفال والشباب إلى السباحة للوصول إلى بر الأمان."

أما الشابّة هبة.خ (29 عاماً)  فتحكي:

" ظروف الحرب هي كانت الدافع الرئيسي لرحلتي، اضطررت إلى التخلي عن عائلتي ومغادرة البلاد لوحدي، وطبعاً سلكت الطريق الخطر الذي سلكه غيري، "التهريب".

عند وصولي إلى الحدود السورية التركية كان عليّ أن أقطع خندقاً ترابياً خطراً، إذا كنت محظوظاً فستنجو من الشرطة التركية الموجودة على الحدود، كنت الفتاة الوحيدة بين ستين شاباً، ولكن الحظ لم يحالفني، شاهدني عناصر الشرطة و أعادوني إلى الحدود السورية مرة أخرى.

لكنني لم أستسلم وحاولت مجدداً، ومرة أخرى شاهدوني، أطلقوا الرصاص فوق رؤوسنا و حرقوا ثيابنا و حاجياتنا، و أعادونا مجددا إلى الحدود السورية.

بعد مرور عدة أيام استطعت أن أفلت من الشرطة، وبعد مضيّ ما يقارب الشهر والنصف في تركيا قررت محاولة السفر عبر البحر، واستطعت أن أركب القارب بسلام مع أعداد أخرى من اللاجئين، وبعد مرور عدة ساعات تفاجئنا بمجيء قوارب أخرى تحمل لاجئين آخرين وتفوق أعدادهم المائتين شخص، تم فرز النساء والأطفال في جهة والرجال في جهة أخرى، الوضع كان فعلاً لا يطاق! كان هناك أطفال و نساء حوامل وكنا بلا غذاء ولا ماء.

ظللنا قرابة الثلاثين ساعة عالقون في البحر بعد تعطّل محرك القارب، مشينا قليلاً في البحر ثم توقف مجدداً ولكن هذه المرة لمدة ستة أيام، ستة أيام لا نعرف مصيرنا فيها، وبعدها حظينا بمرور سفن كبيرة لنقل البترول قررت مساعدتنا، قررت أن أسأل القبطان من هم ولماذا ساعدونا فقال لي أن قاربنا الصغير كان يغرق ببطء شديد ولم نكن سنستطيع مساعدتكم لو وصلنا متأخرين قليلاً، استغرقت رحلتنا عدة ساعات بعدها وصلنا إلى السواحل الإيطالية، كنت خائفة مما حدث معي وخائفة من مصيري المجهول، لكن بعدها قررت المضيّ قدماً."

أما الطالبة روان.ج (18 عاماً) تروي لنا عن معاناتها في بلاد الغرب وما واجهته هناك:

" الوصول إلى دولة السويد كان حلم بالنسبة لي، الشعور بالأمن و راحة البال وما إلى ذلك دفعني إلى نسيان السلبيات التي من الممكن مواجهتها أيضاً، تعلم اللغة ومقابلة بعض الناس الذين يتسمون بالعنصرية المطلقة و صعوبة إقامة احتفالاتنا و خصوصاً الدينية منها كلها كانت من الصعوبات التي واجهتها.

كانت أصعب مرحلة بالنسبة لي هي تعلّم اللغة، ففي حين أنني من المفروض أن أكون طالبة جامعيّة عليّ الآن أن أبدأ دراسة صفوف الثانوي من البداية، ظللت أفكر كيف يمكنني التحدث أمام الجميع باللغة الجديدة دون تعثر أو أخطاء، أو كيف يمكنني الردّ على الفئة العنصرية من الناس والتي تقيّم فكري و تصرفاتي على أساس لباسي وحجابي، لكنني في النهاية، استطعت التأقلم جيّداً هنا مع عائلتي."

جميع هذه القصص حقيقيّة و رويت بلسان حال الفتيات الثلاث اللواتي غامرن بأنفسهنّ من أجل طلب اللجوء في بلاد الغرب، دافعهم المشترك هي ظروف الحرب السيّئة، وما عانوه جعلهم يفكّرون هل هم حقاً بحاجة إلى تلك المخاطرة ليعيشوا بسلام؟

في النهاية يجب تسليط الضوء على اللاجئين ومعاناتهم، والدعوة إلى تقديم يد المساعدة لهم في البلدان التي لجئوا إليها، فكم من قصص لم تروى بعد، وكم من قصص لم تكتب بعد، فالحرب ما زالت قائمة، وما زالت أعداد اللاجئين تزداد كل يوم.

قصص
الجمهورية العربية السورية