إلى أنتِ، شكراً!

Like330
Post
الصورة
رسائل يد

"بس لازم تعرف ما في أحد مسكين، ولا في أحد غلبان.. في واحد حاول والثاني ما حاول أبداً!"

كانت تلك الكلمات التي علقتها على الحائط تهزني بعنف رغم جمودها لتوصلني إلى حالة خوف مرعبة، هل لم أحاول فعلاً؟ ماذا عليّ أن أفعل أيضاً؟

دفعت كتبي السميكة نحو الطاولة ورتبتها بسرعة، أخذت قلماً وورقة، "ماذا عليّ أن أكتب الآن، ربما رسالة لنفسي لأعرف تماماً أني حاولت وليصمت قليلاً رأسي المثقل بالفضول."

- عزيزتي ندى، تحية طيبة وبعد..

"اممم، لما يبدو شكلها تقليدياً جداً؟" مزقتها وبدأت الكتابة من جديد:

- "مرحباً أيتها الجميلة،

ستجديني يوماً ما ورقة مرمية في أحد زوايا غرفتك الصغيرة أو بين أوراقك الكثيرة التي تحتفظين بها، لن تتفاجئي بالمحتوى المكتوب ولكن سيذكركِ بي قليلاً..

أنا أنتِ، الإنسانة التي لا تكف عن المحاولة أبداً، والتي تعلم تماماً أنها تفعل الصواب، لا يعني هذا أنك معصومة عن الخطأ ولكنكِ – إلى حدٍّ ما – تحاولين ذلك.

سأذكركِ بتفاصيل صغيرة لكي لا تنسيها، كرائحة الغرفة التي اكتب بها الآن، وكيف هطل المطر بغزارة في يومٍ ربيعيٍّ جميل وكنتِ تقفين بفرحة طفلٍ يرى المطر لأول مرة! ، كيف أنك منعتِ نفسك عن أشياء كثيرة لتحصلي على أجمل منها، وكيف بكل ذلك العالم الصاخب كنتِ هادئة تماماً..

ربما من الجميل ألا يعلم أحد ما في دواخلنا وإلّا كنا فقدنا للحياة طعمها، لم يعلم أحد كيف أنك بكل تلك الصخب الخارجي تعيشين هدوئاً بداخلك، وأحياناً العكس، نعم بذك التناقض!

كنتِ تمشين ذلك اليوم في ذلك الزقاق الضيق وحفظتِ صورة المكان في ذاكرتك لكي لا تنسيه، كان مكان مختلف تماماً بشكله وعنفوان الشباب والشابات فيه، كنتِ تضحكين بملئ فمك الصغير على نكات صديقتك، وكنتِ تأكلين كثيراً وبشراهة وكأنه آخر يوم في العالم! كانت تلك الأيام بريئة بكل ما فيها، وكانوا هم كذلك..

أنتِ تحاولين بأقصى ما فيكِ من قوة، تعلمين وأعلم ذلك أيضاً، ارحمي رأسك الصغير..لم يعد لدي شيئاً لأقوله لكِ، وداعاً!"

- " حسناً، ستظنين أن الأمر انتهي هنا؟ لا يا عزيزتي..

أنا أنتِ أيضاً، ولكنني أحدثكِ من المستقبل ..

سأقول أني فخورة بكل ما فعلتيه، شكراً لكِ لأنك لم تتوقفي عن المحاولة، شكراً لأنك آمنتٍ بذاتك وتسعين لتحقيقها، أنتِ الآن سعيدة جداً – وهذا بسبب ثقتك الماضية - ، فشكراً لكِ!

شكراً لكل ورقة علقتها على الحائط وهزتني بعنف على الاستمرار، شكراً لذلك الطفل الذي علمني ألّا أخلق سيناريوهات في رأسي دون التأكد منها، شكراً لكل معلم لطيف دفعني للاستمرار في طريقي، ولكل مدرب بنى في داخلي متعة حقيقية بكلامه اللطيف..

ربما سأذكر الآن تلك المواقف التي أحسست بها أن هنالك من يشبهوني في هذا العالم، هناك من روحه تغمرها السعادة واللطف والتي تثبت لي أن الدنيا ما زالت بخير وأنها ليست غرفة مكونة من أربعة حيطان فقط!

شكراً لكل نقاش خضته مع أحد ما وضحكنا كثيراً، واستفدنا كثيراً، شكراً لذلك الصديق الذي يسمع لأحاديثي الصغيرة بكل اهتمام وللذي يخوض معي حديثاً – ربما لا نعلم ماهيته! – عن الأكوان.

شكراً لكل أحد أثبت لذاتي أن الشباب ما زالوا قادرين على فعل الأفضل رغم الظروف المتاحة ولو بإمكانيات قليلة، وشكراً لتلك اللحظات التي جمعتنا سوية!

إلى أنتِ، فلتبقي كما عهدتي دائماً.. "

مدونة
الجمهورية العربية السورية