لنكبر حمائِم سلام

Like787
Post
الصورة
Doves carrying olive branches

أيّامٌ وأيّامٌ تمرّ عليّ بسرعة لا استطيع تفسيرها كما لو كنت أشاهد غروب الشمس... لطالما كنت أخشى سباق الزّمن، أخاف أن أفتح عينيّ يوماً ولا أكون أنا، لعلّ خوفي هذا محض هلوسات وأوهام، لعلّني فقط أخاف مواجهة العالم. انه في الواقع عالمٌ يقيّمني و يقيّم كل شيءٍ بمقدار الأيام التي أمضيها في هذه الحياة، أظنّه عالماً يعتبرني زجاجة نبيذ كلّما مرّ عليّ الزمن ازدادت قدراتي و امكانياتي فيما أنا في الواقع لست كذلك... ويعتبرني راشداً ما إن تجاوزتُ سنّاً معيّنة.

حقّا إن قناعة الرشد في سن معيّنة لقناعة واهية ومفهومٌ مؤقّت..فحتّى أعمار الانسان تتغير من جيل إلى جيل ولا يوجد فردان متشابهان تماماً على هذا الكوكب. فمن قضى في العالم أن يكون سن الرّشد هو مثلا الثامنة عشرة من العمر؟؟ ومن وضع هذا الرقم كدستور يعتبر الراشد هو من تجاوز هذه السن... للأسف نجد العديد من الشباب و اليافعين يتوقون ليبلغوا "سنّ الرشد" هذا ليحظوا بامتيازات واهية وسطحيّة، كابتياع السجائر مثلاً... متناسين تماماً امكانياتهم وامتيازاتهم الحقيقية في كل لحظة من حياتهم، مرجِئين كل شيء " حتّى يكبروا" أو إلى أن "يصبحوا راشدين"..

إلّا أن مفهوما كهذا عن الرشد ما هو سوى وهم وسباق خاسر مع الزمن إذ لا يوجد عند خط النهاية سوى الهاوية! لربما كانت رؤيتي للعالم بهذه الطريقة الديستوبيّة (التي لمستها لفترة) هو ذاته ما جعلني أخشى الكبر وأخشى سرعة الوقت ... عندما أنظر لمن هم أكبر مني يشعلون الثورات، ويفتعلون النزاعات، ويهدرون الدّماء تحت راياتٍ وشعاراتٍ مبهمة،حين أجد الناس غارقين في التكنولوجيا متحولين بحد ذاتهم إلى آلات. كلها مخاوف تراودني حينما أفكر أني قد أصبح يوماً مثلهم...لماذا لا يحدث العكس؟ لما لا يلتفتون إلى حقيقتهم؟ لماذا لا يطلق الشباب و الكبار قدراتهم الحقّة؟ تلك التي تتجاوز حدود الممكن و غير الممكن، الكبار القادرون على حمل مشكلات العالم على أكتافهم، الشباب المبدع رطب الفكر و متوقّد الحماس، حقاً إن قدرات هذه المرحلة تتعدى كونها قدرات جسدية أو نفسية، بل تصبح أعمدة بناء للعالم لو وظّفت بالشكل الصحيح.. إذا...لما لا نكبرُ حمائم سلامٍ بدلاً من أن نكبر غرباناً للخصام؟؟! وقد يكون كل ما تكلمت عنه محض هواجس في نفسي ...لكن لا يسعني سوى أن أتخيل العالم بطريقة أفضل وأصلي كي تولد السعادة من رحم كل شيء سيء و قبيح وبغص النظر عما أتمنى أن أصبحه حينما أكبر فإني أتمنى أن أكون منتجاً لهذه الأرض وألّا أغادر هذا العالم قبل أن أضع بصمتي عليه..

لأني بهذا، و بهذا فقط سأشعر بالرضا عن نفسي وعن روح الشباب

مدونة
الجمهورية العربية السورية