عشرون يوماً وشهراً، ثمّ..

Post
الصورة
وقت الفراغ و التعلم

جالسا كنت أشاهد التلفاز وإذ بشريط الخبر العاجل يقول" وزارة التربية تعلن إغلاق المدارس العامة والخاصة والمعاهد التابعة لها حتى تاريخ 3/4"

"ياللهول، مالذي يحدث؟ لقد وصل كورنا إلينا!" ولكن لم يتوقف الأمر عند هذا الحد إذ لم يلبث التعطيل أن وصل إلى مختلف مرافق الحياة معلنا الحجر المنزلي. لزمت البيت واستمتعت بداية بالعطلة إلا أن الأمر لم يحتج وقتا طويلا لأشعر أن هذا الحجر ضيق وممل فأنا أريد الرجوع إلى العمل والدراسة و الأصحاب، إلى حياتي القديمة.

ولكن لا بأس، ها هي فترة الحجر تكاد تنتهي وسأعود إلى حياتي الطبيعية لأستأنف عملى ودراستي ونشاطي. يقاطع أملي خبر عاجل آخر يعلن تمديد فترة الحظر! يالله!! عودة مرة أخرى إلى اللاشيء! تسلية وترفيه وتضييع وقت، سنعود نملئ مللنا بمقاطع اليوتيوب والتلفاز والجوال؟

قرابة عشرين يوما مضت واستبد بنا الملل، حتى بتنا ننتظر انتهاء الحظر خائفين مترقبين هل سيُمدد؟ نأمل ألا يحصل ذلك. لكن خاب الأمل ومدد الحظر مرة أخرى، هنا بدأنا نصحو من غفلتنا و بدأت تساؤلاتنا : لربما طال الحال وامتد بنا الحظر أشهرا أو عاما 

 وهنا بدأ شيءٌ جديدٌ…. 

بدأت أبحث عما يفيدني ويسليني في الوقت نفسه، وكان كل شيء حولنا يدعونا إلى ذلك. وقد ساعدت مؤسسات عدة في ملء وقتنا بالمفيد؛ دورات وتدريبات ومحاضرات أون لاين. كثر الاهتمام بتنمية المواهب وتعلم أشياء جديدة وقراءة الكتب وتنمية المهارات. انشغالنا بما هو مفيد يشعرنا بالإنجار ويطمئننا أن وقتنا لا يضيع سدى. نعم، لقد بدأنا نتأقلم مع واقعٍ جديدٍ لم نتخيل يوما أننا قادرون على احتماله وكل شيء اتجه لينظم نفسه وفق حياتنا الجديدة ليلائم ظروفنا وقدراتنا. 

ذاك الواقع الذي بدأ عطلة ثم استحال سأما وضيقا طوعناه ليعود مناسبا لنا ولأحوالنا!

لاشك أن رغبتنا بالعودة إلى حياتنا الأولى لم تزل، ولكنها قد تتلاشى إذا بقي الوضع على ماهو عليه زمانا طويلاً وأشك في سهولة حصول ذلك، ويسره علينا ولكن مما لاشك فيه أن الإنسان كائن يتكيّف ويتأقلم مع ظروفه وقادر على تطويع نفسه ليكمل حياته. وهناك وجهة نظر عامة ترى أنه قد يتغير نمط الحياة الذي عهدناه في العمل و التعليم والدفع ليصبح من المنزل عبر شبكة الإنترنت. 

ولكن في رأيي الإنسان كائن اجتماعي بطبعه ولن يقبل العزلة والوحدة، وسيجد دائماً طريقة تحميه وتمكنه من التواصل مع الآخرين. ولكن قد يتأخر ذلك وحتّى يحين ذلك، لا تضيّع وقتك بل استثمره بما هو مفيد.

اقتربت فترة الحظر على الانتهاء وأتمنى ألا تُمدد وأن ينتهي حديث كورنا ويتحول إلى قصة من التاريخ لنعود إلى حياتنا!

مدونة